نحن نحبُ المتواضع البشوش.

نحن نحبُ المتواضع البشوش.

  • نحن نحبُ المتواضع البشوش.

اخرى قبل 1 سنة

نحن نحبُ المتواضع البشوش.

بكر أبوبكر

الابتسامة والوجه البشوش ولُطف التعامل هو تواضعٌ يمثلُ مدخلًا جميلًا لبناء علاقة طيبة واحترام ومحبة قد يعقبها بالتكرار والمثابرة ثقة بين الناس عامة، وبين القائد ومن هم ضمن مسؤوليته.

وإن كان هناك بعض القادة العبوسين (بالفطرة) إلا أنك قد ترى برحابتهم ولطفهم وتواضعهم بديلًا عن الابتسامة. 

ومهما قلت في الخالد ياسر عرفات من صفات او مهما اختلفت معه سياسيًا فإنه كان للتواضع والبشاشة ولطف التعامل سيدًا.

في الأحوال الأفضل وفي المواقف اللازمة يحبذ أن تكون باشًا مبتسمًا وحيث يأخذك الموقف وظروفه. (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ، 159 آل عمران).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه إياه.

وحول اللطافة أو التلطف عمومًا، قالت دراسة قام بها مجموعة من الباحثين في اليابان عن السعادة أن اللطف كمعاملة وممارسة يومية يُحفز على السعادة. 

حيث قامت الدراسة على 175 مشارك طُلب منهم الكتابة عن عشرة أحداث أثرت على نفسيتهم بشكل إيجابي، وخرجت الدراسة بنتيجة أن الأشخاص الأكثر سعادة هم الذين يتخذون اللطف كنوع من الممارسة اليومية في حياتهم.

وفي التواضع كما نشرت ال"بي بي سي" تحت عنوان: ما الصفة التي يجب أن يتحلى بها القائد الناجح؟ أشارت الى بحث لأكثر من 700 موظف بشركة أمريكية لتقديم الخدمات الصحية، حيث وجدت أن القادة الأكثر تواضعا شجعوا العاملين على الانخراط أكثر في العمل وجعلوهم يشعرون بالرضا عن عملهم. وتم التأكيد أن تواضع القائد يدعم التواصل بشكل أفضل بين أفراد فريق العمل. وللعلم فإن التواضع يمكن الشخص عامة، ويمكن القائد من الاعتراف بخطئه والتراجع عنه.

"في عام 2013 نشر "برادلي أوينز"، عالم النفس بجامعة بريغهام يونغ، دراسة بحثت أداء 144 من الطلاب الذين لم يتخرجوا بعد من دراسة الإدارة. وتوقع "أوينز" ألا يقيم الشخص تواضعه بالشكل الصحيح، فطلب من المشاركين تقييم الآخرين بناء على عبارات مثل: "هذا الشخص يطلب الرأي باستمرار"، و"هذا الشخص يقرّ بعدم درايته بالأشياء"، و"هذا الشخص يقر بدراية الآخرين أكثر منه وتفوقهم عليه في المهارات". بعد ذلك تتبع أوينز مقاييس مختلفة لأداء الطلاب خلال العام. وجاءت النتائج مذهلة، فقد حصل الطلاب الذين كان تقييمهم الأكثر تواضعا على درجات أفضل من الذين كانت نظرتهم لأنفسهم مبالغا فيها. بل ثبت أن التواضع كان مؤشرا أفضل للأداء من مقياس الذكاء الفعلي للشخص."

وتضيف الصحيفة أنه "وجدت إليزابيث كرومري مانكوزو، من جامعة بيبردين بكاليفورنيا، أن الأفراد الأكثر تواضعا يميلون لإظهار شغف أكبر بالمعرفة ويبدون أكثر استعدادا للعلم من أجل العلم.

وبالنسبة لزعماء العالم اليوم، يشار أحيانا إلى أن اشتغال المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل بالعلوم كان سببا في تحليها بقدر أكبر من التواضع الفكري، الذي يتضمن النزعة لإعادة التفكير في افتراضاتها والإصغاء للآخرين قبل اتخاذ القرارات.

الى ذلك وجدت "إيمي يي-أوو"، من الجامعة المهنية بهونغ كونغ، فوائد مماثلة في دراسة شملت 105 من شركات التقانة. استخدمت يي-أوو بحثا شبيها بالذي أجراه "أوينز" ووجدت أن المديرين التنفيذيين الأكثر تواضعا شجعوا الموظفين على مزيد من التعاون وتبادل المعلومات داخل فريق الإدارة العليا للشركة. وأدى ذلك لاتخاذ قرارات أفضل، وبالتالي تحقيق أرباح أكثر.

التواضع كصفة شاملة للكثير من الصفات الأخرى يعرفها صلاح نجيب في مقاله بموقع الألوكة بأنها: 

 هدوء وسكينة ووقار واتزان

 التواضع بشاشة وجه

 ولطافة خلق

 وحسن معاملة

بتمام التواضع وصفائه يتميز الخبيث من الطيب، والأبيض من الأسود، والصادق من الكاذب، وما تواضع أحد لله تعالى، إلا رفعه الله سبحانه. 

ويعرف الراغب الأصفهاني  التواضع: أنه رضا الإنسان بمنزلة دون ما يستحقه فضله ومنزلته.

وقال إبراهيم بن الأشعث: سألت الفضيل عن التواضع، قال: التواضع أن تخضع للحق وتنقاد له، ولو سمعته من صبي قبلته منه، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته منه.

ويقول الجنيد وهو من سادات الزهد والتصوف: التواضع هو خفض الجناح ولين الجانب.

ومن الآيات الكريمة نقرأ:

قال الله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215].

وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ﴾ [الإسراء: 37]. حيث قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ هذا نهي عن الخيلاء، وأمر بالتواضع.

وقال الله تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

وقال:رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)).

قال الشاعر: أحمد بن محمد الواسطي

كم جاهل متواضع.. ستر التواضع جهله/ومميزٌ في علمه.. هدم التكبّر فضله 

فدع التكبر ما حييت.. ولا تصاحب أهله/فالكِبرُ عيبٌ للفتى.. أبدا يقبّح فعله 

قال موسى عليه السلام للخضر في سورة الكهف آية69 "سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ْ"، وذلك عندما طلب منه مصاحبته للتعلم وعدم السؤال، وقال ذلك بتواضع وأدب المتعلم. وللفائدة يقول الإمام السعدي في تفسيره: هذا عزم منه، قبل أن يوجد الشيء الممتحن به، والعزم شيء، ووجود الصبر شيء آخر، فلذلك ما صبر موسى عليه السلام حين وقع الأمر.

هل نقول في التواضع أيضًا لطف، وبشاشة مع الغيرأم نقول في التواضع عدم تكبر، وفيه إنحناء أمام الحقيقة وعدم إنكار الخطأ وحُسن الاعتذار.

بالحقيقة أنه لطالما تعاملت الحضارة العربية الاسلامية-العربية المسيحية المتميزة مع هذه الصفة أي التواضع ومشتقاتها باعتبارها محببة وضرورية ولدّت في التيارات في حضارتنا مدارس الزهد والمحبة والخدمة للآخرين، وما يكون عكسها من كبْر وغطرسة وخيلاء ومرح ليس فيها إلا كل الخسران. 





 

 

التعليقات على خبر: نحن نحبُ المتواضع البشوش.

حمل التطبيق الأن